الكنيسة خلال أعمال الترميم بعدم مرّت الطريق من أمامها إلى بعبدا
داخل الكنيسة عند البدء بأعمال تغيير الديكور
داخل الكنيسة قبل تغيير مذبحها ومقاعدها
والدي يقرع الجرس بيد واحدة
أوّل حفلة عمادة احتُفل بها في الكنيسة الجديدة كانت لي ولـ"كارمن" ابنة عمّي "سعد". لا أعرف شيئًا عن الاحتفالات التي جرت في بيت عمّي بعد العمادة، لكنّ والدتي لا تدعني أنسى حفلة الغداء التي استمرّت في بيتنا حتّى العشاء احتفاء بالمناسبة. وقيلت فيها عشرات القصائد الزجليّة، التي لم يبق منها شيء في ذاكرة أحد.
ويحلو لي أن أشاكس والدتي المتباهية بأنواع المأكولات والمشروبات التي قدّمت يومذاك فأقول لها: وماذا استفدت أنا من ذلك؟ لم أنل شيئًا من تلك الوليمة الفاخرة، سوى حصّتي المعتادة من الحليب.
لا ترتبط الكنيسة في رأسي بالصلوات بقدر ما تبدو لي مكانًا لتوديع الراحلين من أبناء البلدة. طرازها الحائر بين الحديث والقديم ليس فيه ما يثير الرهبة أو يدعو للتأمّل والخشوع، واحتفالات الأعراس كانت تحوّلها قاعة صاخبة للهرج والمرج. أمّا المآتم فكانت تغرقها في عتمة بعد الظهر، وهو الموعد الثابت لصلاة الجنازة، وتجعلها محطّة لائقة قبل الانطلاق إلى المدافن.
في مناسبتين فقط شعرت بأنّ الكنيسة هي أكثر من بناء حجريّ يلتقي فيه الناس مرّة في الأسبوع (يوم الأحد) أو محطّة ما قبل القبر:
يوم تناولت القربانة الأولى وكان ذلك قبل دخولي المستشفى للخضوع للعمليّة الجراحيّة الأولى في رجلي المصابة بشلل الأطفال وكنت في التاسعة من عمري، ويوم دعت كنائس لبنان إلى سلسلة صلوات لا تتوقّف ولا تنقطع من أجل السلام في لبنان وكانت الحرب في أشدّ مراحلها قسوة وعنفًا.
غريب أن ترتبط الكنيسة بالخوف، كأنّ الديانة التي رسّخوا أسسها في وجداننا لا تستقيم بلا جلجلة وصليب، أو كأنّ المسيح الذي كانت مشاركته الاجتماعيّة الأولى في عرس قانا الجليل امتنع عن حضور أيّ مناسبة إلّا المأتم.
***
الخوري نبيل الحاج خلال إحدى السهرات الإنجيليّة
ومع ذلك لا أنسى يوم قرأت "الرسالة" (من رسائل القدّيس بولس)، وكانت المرّة الأولى التي تقف فيها فتاة على مذبح الكنيسة في الريحانيّة وتقرأ "الرسالة"، ولولا المرحوم الخوري نبيل الحاج، لما تجرّأت وأنا في بعد صغيرة، على مواجهة القرية وناسها.
على كلّ حال، ليس كلّ رجال الدين سيّئين.
أبناء الريحانيّة خلال السهرة الإنجيليّة